--------------------------------------------------------------------------------
حذاء منتظر.. وحصانة بوش
د. أحمد فوزي
أستاذ القانون الدولي بحقوق بني سويف
لا يختلف اثنان حول ضرورة احترام كل دولة لضيوفها سيما لو كانوا من كبار المسئولين والدبلوماسيين حيث جري العرف
في العلاقات الدبلوماسية حتي قبل توقيع اتفاقية فينا بشأن المعاهدات الموقعة عام 1969 علي أن يتمتع رئيس
الدولة في حالة وجوده في اقليم أية دولة أجنبية بحصانات وامتيازات تتناسب مع وصفه كممثل لدولته ورمزاً لها...
هذه الحصانة تؤمن للرئيس الاحترام الكامل وحسن الاستقبال وفقاً لمراسيم خاصة وحماية شخصية وعدم التعرض له
أو امتهان كرامته بل ومعاقبة كل من يعتدي عليه باللفظ أو الفعل أو الاهانة...
وفي ضوء هذه الحصانة يبرز فعل الصحفي العراقي منتظر الزيدي حينما وجه "نعليه" تجاه الرئيس الأمريكي جورج بوش
في أثناء مؤتمره الصحفي الذي عقده يوم الأحد الماضي في بغداد ليضعنا أمام تساؤلات هامة فيما إذا كان هذا
التصرف يخضع للقواعد المعمول بها في الحصانات الدبلوماسية؟ وهل يضع صاحبه تحت طائلة العقاب الجنائي؟!!!
علينا في البداية أن نتجرد من الشعور بالفرحة ونتخطي حاجز التشفي في فعل يستحقه بوش تعبيراً عما جنته يداه
لنقف علي زاوية الرؤية الدولية لمثل هذا التصرف ومنظور العلاقات الدولية له...
وواقع الأمر ان تصرف منتظر الزيدي لا يخلو من معني الاهانة الكاملة لشخص بوش كرمز لتخريب العراق ولكن هذا
التصرف من وجهة نظري لا يرقي لحد جريمة إهانة رئيس دولة بالمعني الصحيح الذي يتفق مع طبيعة العلاقات
الدبلوماسية وخاصة حصانة رئيس الدولة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية وذلك لأسباب عديدة منها:
السبب الأول: ان الوجود الأمريكي في العراق جاء نتيجة غزو بالقوة لإقليم دولة كاملة السيادة وبالمخالفة المتعمدة
لقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ولذلك أصبحت علاقة الشعب العراقي بالدولة الأمريكية علاقة ناتجة عن
احتلال وبالتالي يحق لكل مواطن عراقي مقاومة هذا الاحتلال أياً كانت الوسيلة...
.
كما ان الاستعمار يسقط حق المستعمر في التمسك بقواعد القانون الدولي وبالتالي ليس من حق بوش التمسك
بحصانته الدبلوماسية تجاه هذا التصرف.
السبب الثاني: إعمال الحصانات الدبلوماسية علي أرض الواقع وتفعيلها يتطلب جواً من الصفاء في العلاقات بين
الدولتين المتبادلتين ومناخاً من الود والتفاهم وهذا الجو لا يتوافر الآن في علاقة الرئيس الأمريكي بالشعب العراقي
فهو في نظر الجميع قد أهلك حرثهم ونسلهم بأساليب التضليل والخداع والمراوغة وبالتالي ليس له حصانة علي
الأراضي العراقية..
السبب الثالث: حصانة الرئيس تستدعي غالباً أن تكون الزيارة قد تم الإعلان عنها بوقت كاف وأن الظروف في الدولة
المضيفة مؤهلة من الناحية الأمنية وهذا لم يتحقق في زيارة بوش للعراق التي كانت سرية وخاطفة ودون سابق
ترتيب.
نرد علي ذلك ان هذه الزيارة "استفزازية" ليس لها معني سياسي أو قانوني.